مقابر القاهرة التاريخية: تُراث عريق مُهدد بالإزالة

ما هي العلاقة بين المقابر التاريخية في القاهرة وأزمة الإسكان في المدينة؟ يناقش هذا المقال ظاهرة "الجزر السكنية" في مقابر القاهرة ودور الدولة والسياسات العمرانية


عُرفت القاهرة تاريخيًا بتنوع تراثها وثقافاتها، وتشكلت الصورة الذهنية لها من عمرانها المتنوع الذي يحمل بين طياته أشكالًا شتى من العلوم والفنون، ويُعد هذا العمران شاهدًا على عصور وحقب زمنية شكّلت تاريخ هذه المدينة العريقة. كان المصريون القدماء يقدسون الحياة الآخرة واختصوا المقابر بطُرز معمارية خاصة، وازدهرت هذه الطُرز على مر العصور حتى وصلت إلى مستوى فريد في العصر المملوكي، واشتهرت المقابر في مصر باسم القرافة نسبة إلى قبيلة يمنية تُسمى بنو قرافة كانت تسكن جوار المقابر فسميت باسمها، كما اشتهرت باسم الجبانة وتعني الصحراء نظرًا لإقامة المقابر في مناطق صحراوية.

ازدهرت جبانات القاهرة واتسمت بفنون خاصة من الزخارف المعمارية والقباب التي كانت سمة من سمات العمارة الاسلامية، حيث أصبحت الجبانات متحفًا يربط بين الحياة الدنيا والآخرة، وكذلك تجمعًا لرفات من سطّروا تاريخ مصر على مر العصور من علماء وفقهاء ومؤرخين وأدباء وشعراء وفنانين، حيث يرقد فيها تقي الدين المقريزي مؤرخ القاهرة وعبد الرحمن بن خلدون مؤسس علم الاجتماع وصاحب “المقدمة”، إلا أن قبريهما طالتهما يد الهدم والإزالة ، وتضم هذه الجبانات أيضًا قبور طه حسين وأحمد شوقي وغيرهما ممن أثروا الحياة الثقافية والأدبية في مصر. لكن هناك من يريد أن يُلحق بهذه القبور ورفاتها ما لحق بقبور ابن خلدون والمقريزي، فقد شهدت مصر في هذه الفترة عمليات ممنهجة لإزالة المقابر الواقعة داخل القاهرة لصالح عمليات التنمية العمرانية التي تنتهجها السياسة العامة للدولة في الوقت الراهن. وتعد التنمية العمرانية من أبرز وأهم المشاريع القومية المصرية، خاصة التوسع في الطرق الرئيسية لتسهيل حركة المرور، وتقوم هذه السياسات والمشاريع على الرؤية السياسية فقط، غير مكترثة بدراسات الجدوى حسب تصريح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حيث يرى أنه لو كان قد اتبع دراسات الجدوى لانخفضت نسبة انجازاته إلى 20-25 % مما تحقق.

بعد البدء في أعمال الهدم وارتفاع وتيرة الرفض الشعبي لمثل هذه التجاوزات في حق التراث المصري، نشر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية تصريحًا عبر صفحته على Facebook مفاده أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر بتشكيل لجنة تضم رئيس الوزراء وعددًا من خبراء الآثار والمكاتب الاستشارية، لدراسة موقف التطوير ووضع البدائل المناسبة للحل وإعلان ذلك للرأي العام قبل يوليو 2023. في واقع الأمر، أثار هذا التصريح استيائي ودهشتي كمختص بالتخطيط وباحث عمراني، حيث أن المخططات الاستراتيجية لابد أن تمر بعدة مراحل لاعتمادها قبل البدء في تنفيذها، آخرها اعتماد المجلس الأعلى للتخطيط العمراني الذي يترأسه رئيس الوزراء، والذي يتشكل بقرار من رئيس الجمهورية، ويتضح من هذا التصريح أن الرئيس المصري لم يكن على علم بما سيحدث! مما يدفعنا إلى السؤال الجوهري التالي: من يدير الدولة المصرية ومن يُخطط لها؟ وهل هناك تخبط وعدم تنسيق بين مؤسسات الدولة؟ كما ذكر تصريح المتحدث الرسمي المشار إليه آنفًا أن الرئيس أمر بإقامة “مقبرة الخالدين” في مكان لم يتم تحديده لينقل إليها رفات المشاهير القدامى، لتكتمل الدهشة أنه لم يتم وضع البدائل التخطيطية وطرق التعامل مع الرفات قبل البدء في أعمال الإزالة! وهنا نجد أنفسنا أمام سؤالًا آخر: أين كانت ستذهب هذه الرفات وكيف كان سيتم التعامل مع المقابر لو لم يثور الرأي العام؟ والأهم من ذلك، لماذا تريد الحكومة المصرية وقيادتها السياسية إعادة اختراع ما تم اختراعه منذ القدم؟ فلماذا نريد إقامة مقابر جديدة تجمع رفات مشاهير مصر ونحن بالفعل نمتلك واحدة من أعظم جبانات التاريخ تحمل تراثًا خالدًا لا يحتاج إلا الرعاية والترميم؟

تاريخ القاهرة يمكن كتابته من مقابرها

للموت قدسية خاصة عند المصريين منذ القدم، ظهر ذلك جليًا من خلال المباني الفرعونية القديمة والاهتمام بأماكن دفن الموتى، و رسومات جدران المعابد القديمة تقديس المصري القديم لحالة الخلود في الدار الآخرة. عرفت القاهرة المقابر وقدسيتها قبل دخول العرب لمصر عام 641 بعد الميلاد، لكن بعد انتشار الدين الإسلامي في مصر اصطبغت المقابر بأشكال العمارة الإسلامية، والتي بدأت من جبل المقطم ظهير مدينة الفسطاط أول عاصمة عربية لمصر، وظلت هذه المنطقة وقفًا لدفن موتى المسلمين، وبمرور الوقت تغيرت عواصم مصر وتغير معها العمران المصري، لكن ظلت المقابر أو ما يُعرف بين المصريين باسم “القرافة” أو “الجبانة” مصاحبة لامتداد وتلاحم هذا العمران.

تزخر مقابر القاهرة التاريخية بما يُعرف بالشواهد وهي أعمدة عريضة يتم وضعها فوق القبور، فأثناء عمليات هدم المقابر عُثر على شاهد أثري يرجع تاريخه إلى 1100 عام كُتب عليه اسم صاحبة القبر الذي يرجح الباحثون الأثريون أنه يعود لحفيدة أحد وزراء الخليفة العباسي هارون الرشيد.

قمت بإجراء اتصال بباحث التاريخ عبدالعظيم فهي المهتم بتوثيق تاريخ القاهرة وتراثها، وأشار إلى أنه يمكننا إعادة كتابة وتوثيق تاريخ القاهرة من “القرافة”، حيث أن كل شاهد من شواهد القبور مدون عليه اسم صاحبه والعصر الذى عاش ومات فيه، حيث يتواجد في هذه القرافات رُفات المشايخ والعلماء والملوك والسلاطين الذين توافدوا على مصر منذ بداية الدولة العربية الإسلامية وحتى وقتنا الحالي، كما أشار أنه لا يجوز الفصل بين التراث العمراني وعمران الجبانات، خاصة أن مباني الجبانات تحتوي على طُرز معمارية فريدة ترجع إلى العصر المملوكي، كما أُعيد استخدام الطراز المملوكي المستحدث في بناء مقابر الإمام الشافعي، وهو طراز معماري تطور في القرن التاسع عشر باستخدام عناصر معمارية تعود إلى العصر المملوكي الذي حكم مصر في الفترة بين 1250-1517. إضافة إلى ذلك، تحتوي جبانات القاهرة التاريخية على نوع فريد من أنواع الفنون وهو الخط العربي والزخارف المنقوشة باليد على شواهد القبور، وبالتالي يمكن اعتبار جبانات القاهرة التاريخية متحفًا مفتوحًا يجمع بين رهبة الموت وقدسيته والفن المعماري وفن النقوش اليدوية والخطوط العربية.

مشاكل تداخل الجبانات مع العمران

شهدت مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين تطورًا كبيرًا في أزمة الاسكان، وصاحب هذه الأزمة ظهور مناطق الإسكان العشوائي، خاصة في إقليم القاهرة الكبرى، ولقد تطورت هذه المناطق بشكل كبير في النصف الثاني من القرن العشرين، ولعبت الحكومات المصرية المتعاقبة دورًا أساسيًا في امتداد هذه المناطق واتساع رقعتها، سواء بسبب عجز الحكومات عن القيام بواجبها تجاه المواطنين وتوفير السكن الملائم لهم، أو تعمد الحكومات خلق مناطق فوضوية لاستغلالها في الأحداث السياسية. ظل العمران العشوائي يمتد حتى تلاحم مع عمران المقابر، وكحال العمران الذي يسكنه الأحياء فقد اضمحل عمران الأموات، وتُركدون أي ترميم أو تنظيف حتى وصل حاله إلى ما هو عليه الآن من تشوه بصري وتداخل في النسيج العمراني، ولا تجد الحكومة المصرية حلًا آخر إلا إزالته وفقًا لمرجعية الدولة العسكرية التي لا ترى إلا الهدم وفرض القوة كوسيلة للتنمية.

ناهيك عن الإهمال الذي أحدث تشوهًا عمرانيًا كبيرًا في نسيج المقابر التاريخية، فإن الأزمة السكانية في مصر انعكست على هذه المناطق سلبًا، فقد زاحم الأحياء الموتى في سكنهم وظهر ما يُعرف بإسكان المقابر، أو مدينة الموتى. ورصد تقرير التنمية الاجتماعية الثالث الصادر عن منظمة الاسكوا بالأمم المتحدة عام 2019 هذه الظاهرة في مصر، والتي لا تعد ظاهرة حديثة العهد بل تمتد إلى أكثر من قرن من الزمان، ويرجع ذلك إلى طريقة بناء المقبرة “القرافة-الجبانة” التي تصلح أن تكون سكنًا لأحد الأفراد، حيث تتكون الجبانة من غرفة الدفن وبجوارها غرفة للخفير “حارس المقبرة” وأمام هذه الغرفة مساحة تسمى الحوش. كان الاهتمام الشديد بمكان الدفن وتجميله خاصة مقابر أمراء وسلاطين العصر المملوكي سمة من سمات تقديس المصريين للحياة الآخرة وتكريم المنتقل إليها، وكانت ظاهرة سكن أحواش الجبانات في البداية مقتصرة على خفرائها، ومع بداية تزايد أزمة الاسكان في النصف الأول من القرن العشرين لجأ العمال الذين يبحثون عن سكن إلى هذه الغرف، بل وصل الأمر إلى أن الخفراء عملوا كسماسرة يؤجرون هذه الغرف دون علم أصحابها. في أعقاب نكسة 1967 تم تهجير عدد كبير من أهالي مدن القناة (السويس وبورسعيد والاسماعيلية)، واتجه عدد كبير منهم إلى القاهرة وسكنوا المساجد والمدارس واتجه جزء ليس بالقليل منهم إلى سكن الجبانات واستقرت حياتهم بها. وأشار تقرير التنمية الاجتماعية المشار إليه أن عدد السكان الذين اتخذوا من المقابر سكنًا لهم وصل في عام 2008 إلى مليون ونصف نسمة، وظل هذا العدد في ازدياد حتى وصل عام 2017 إلى نحو 2 مليون نسمة.

الجزر السكنية

يشير مصطلح الجزر السكنية في الدراسات العمرانية إلى تداخل مناطق الاستعمال السكنى مع مناطق استعمالات أخرى، ونقصد بهذا المصطلح هنا تداخل الكتلة السكنية مع مناطق الجبانات. في إحدى دراسات الماجستير التي تم إعدادها عام 2017 تمت دراسة هذه الظاهرة، وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج منها أن الكتلة العمرانية بإقليم القاهرة الكبرى آخذة في الامتداد العشوائي حتى زحفت على المناطق المخصصة للمقابر، وقد نتج عن هذا الزحف انتشار مناطق غير مخططة وغير آمنة داخل الحيز الجغرافي لمناطق المقابر خاصة التاريخية، الأمر الذي انعكس سلبًا على النسيج العمراني للجبانات وأحدث به تشوهات عمرانية جسيمة. وتشير الدراسة إلى أن العامل الأول لزيادة سكان هذه الجزر وأحواش المقابر هو نكسة 1967 المذكورة آنفًا، بينما عزز هذا التفاقم سياسة الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي، فكانت هذه السياسة العامل الثاني في طرد السكان إلى المقابر واتساع الجزر السكنية بها، نتيجة عزوف الحكومة المصرية في هذا التوقيت عن بناء مساكن منخفضة التكاليف، وتوسع القطاع الخاص في الاستثمار العقاري. نتج عن هذه السياسة ارتفاع أسعار مواد البناء، الأمر الذي انعكس على ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بشكل لا يحتمله أصحاب الدخل المحدود وأبناء الطبقة الوسطى.

مخطط القاهرة 2050 والتعامل مع الجبانات

يُعد مشروع القاهرة 2050 الدافع الرئيس وراء كل الإزالات التي تحدث في القاهرة بغية تحويلها إلى مدينة أعمال، وعند إعداد كل مخطط جديد تعلن الحكومة أنه لصالح مشروع القاهرة 2050، وهذا ما أشارت إليه أستاذة العمران جليلة القاضي، متهمة رئيس الوزراء المصري بالسعي نحو القضاء على آثار مقابر القاهرة التاريخية لصالح مخطط القاهرة 2050 الذي أشرف على وضعه عام 2008 وقت توليه رئاسة الهيئة العامة للتخطيط العمراني.

بدأ ظهور مخطط القاهرة 2050 في نهاية عام 2008 إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وقد خرج هذا المشروع من الهيئة العامة للتخطيط العمراني وهي جهاز الدولة المنوط به رسم السياسات العمرانية العامة وإعداد المخططات الاستراتيجية التنموية قوميًا وإقليميًا، والتي كان يرأسها في ذاك الوقت مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري الحالي، وهو الأمر الذي يفسر دفاع مجلس الوزراء عن هذا المشروع بكل ما أوتي من قوة. يهدف مخطط القاهرة 2050 إلى خلق منطقة خضراء مترابطة بشكل يُحاكي مدن أخرى مثل دبي وباريس وطوكيو حسب ما ذكره المخطط. ومن آليات تنفيذ أهداف المخطط نقل سكان المناطق العشوائية إلى مساكن أخرى وإزالة هذه المناطق، وما يهمنا هنا هو تعامل هذا المخطط مع مقابر القاهرة التاريخية والتي لم يتطرق إلى وضع آلية للتعامل مع طُرزها المعمارية التي تعود إلى واحد من أهم العصور العمرانية والمعمارية وهو العصر المملوكي، إنما اكتفى المخطط بنصه على نقل مقابر القاهرة “أموات وأحياء ومبان” إلى أطراف المدينة، وتخطيط حدائق ومساحات خضراء مكانها. هذا ما نص عليه المشروع وقت ظهوره قبل خمسة عشرة عام، وبتحليل سياسة الدولة المصرية حاليًا في القطاع العمراني نجد أن المساحات الخضراء والحدائق ليست من محاورها الرئيسية، بل تتجه هذه السياسات نحو الاستثمارات العقارية. بالتالي، يبدو جليًا أن الإيمان بخلق مناطق خضراء مكان المقابر هو أمر غير دقيق، خاصة في ظل الصمت التام من الحكومة وعدم الافصاح عن نواياها أو مخططاتها بشأن هذه المناطق.

إذن ما الحل؟

لا شك أن جبانات القاهرة تواجه العديد من المشاكل العمرانية سواء في تشوه نسيجها العمراني وتداخلها مع عمران القاهرة أو عبر اتخاذها سكنًا من قبل شريحة واسعة من الطبقات الفقيرة، لكن هذه المشاكل لم يخلقها المواطن المصري بمفرده أو شارك في خلقها أموات المقابر الذين لا حول لهم ولا قوة، إنما كانت نتاج السياسات المتخبطة وغير المدروسة من الحكومات المصرية المتعاقبة خاصة منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين وتتابع أزمات الإسكان. إن أسهل الحلول هو الهدم، لكن عندما يتعلق الأمر بإزالة التراث والتاريخ فلا بد أن يدق ناقوس الخطر، فليس من العقل بمكان أن تسعى مصر لهدم تراثها ومحوه من العقول، في حين تسعى بعض الدول التي لم يمر على نشأتها مائة عام بكل قوة وتصرف مبالغ مالية طائلة لخلق تراث شعبي لها.

يمكننا وضع العديد من البدائل والحلول للتعامل مع جبانات القاهرة، لكن الأمر يقتضي أولًا توقف الحكومة المصرية عن أعمال الهدم التي شرعت بها، وتفعيل دور الجهاز القومي للتنسيق الحضاري المنوط به التعامل مع المناطق الأثرية والتراثية، والذي أصبح دوره مهمشًا الآن على الرغم من أن هذا الجهاز يضم كفاءات عمرانية وفنية كبيرة. 

يمكن الاستفادة من التجارب الدولية في التعامل مع المقابر التي تحتوى على رفات الشخصيات الهامة، مثل مقبرة Ohlsdorf بألمانيا أو ما يُعرف بحديقة هامبورج الخاصة، حيث يرقد في هذه المقبرة عدد كبير من مشاهير هامبورج من شعراء وموسيقيين وفنانين، وكذلك عدد من ضحايا الحروب وكوارث القرن العشرين، حيث تم استغلال هذه المقبرة عبر جعلها حديقة كبيرة للتنزه والاستجمام ومكان للتأمل والتفكير بجوار قبور المفكرين السابقين. كما يمكن للزائر استكشاف المقبرة سيرًا على الأقدام عبر مسار تم تخطيطه مُسبقًا يُسمى “المسار الصامت” والذي يقود الزائر إلى قبور الشعراء وينتهي به إلى مسار آخر يقوده إلى مقابر الكُتاب والأدباء. يمكن الاستفادة من هذا التخطيط من خلال التعامل مع جبانات القاهرة في عدة محاور:

أولًا: يمكن رسم مسارات وخطط التجول بداخلها عن طريق حكايات الرحالة القدامى الذين وصلوا إلى مصر وانبهروا يجباناتها ووصفوا الحياة بها، وكذلك عبر الاستفادة من كتب المزارات التي تعود للعصور المصرية القديمة مثل العصر الأيوبي، والتي قام مؤلفوها بذكر كل من دُفن في جبانات القاهرة تفصيلًا، وبذلك يمكننا تحديث هذه الكتب وتحويل مخرجاتها إلى إشارات وعلامات مرجعية لتوجيه الزائر، هذا الأمر من شأنه أن يعمل على زيادة حركة السياحة الدينية في مصر خاصة من الدول الإسلامية ودول شرق آسيا، في ظل معاناة مصر اقتصاديًا خاصة في ملف السياحة. والسياحة الدينية وزيارة قبور الأعلام في جبانات القاهرة ليست أمرًا حديثًا، بل ذكرت كتب الرحالة القدماء أن المقابر المصرية كانت دائمًا عامرة بزوارها، خاصة طلاب الأزهر، الذين مازالوا محافظين على هذه الزيارات حتى اليوم. كما يجب خلق مسارات للمشاة داخل مناطق الجبانات، وتقليل حركة السيارات داخلها، كما يجب التخطيط للمناطق الخضراء التي تكاد تكون منعدمة داخل الجبانات، وزراعة الأشجار وتخصيص أماكن للاستراحة.

ثانيًا: العمل على ترميم المقابر المنهارة وإعادتها لطرازها المعماري الذي كانت عليه، وترميم الخطوط العربية والنقوش والزخارف اليدوية الموجودة على شواهد القبور، وتوثيق هذه المعالم في قوائم التراث، عوضًا عن اختراع حجج واهية من قبل الحكومة المصرية مفادها أن هذه المباني خارج قوائم التراث، فالعين المجردة لا تستطيع إنكار التراث والفن كما تنكره الحكومات.

ثالثًا: التزام الحكومة بالدستور المصري والمعاهدات الدولية بشأن توفير المسكن الملائم لسكان المناطق غير المخططة وسكان القبور الذين وصل تعدادهم نحو مليوني نسمة.

إبراهيم عز الدين معماري مصري وباحث عمراني، يعمل كباحث في ملف الحق في السكن الملائم بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات ومناهض لعلميات الإخلاء القسري، ومدير مبادرة مناخ للدراسات البيئية ومؤسس ديوان العمران للدراسات العمرانيه.

: اقرأ التالي

هل قام المجتمع الدولي بما يلزم لإيقاف الحرب الدائرة في السودان؟ الجواب بسيط، للأسف. بالطبع لا،…

يلقي عمر طالب نظرة معمّقة على الظروف السياسية والتكييفات القانونية التي أدت إلى إسقاط تهم الفساد…

يعاني "نزلاء" السجون الجديدة في مصر من عنف خفي وانتهاكات منهجية، بينما تقول الدولة أنها طورت…